تحت شعار «الشريف محمد أمزيان شهيد الوعي الوطني» تخلد شبكة جمعيات أزغنغان الذكرى المائوية لاستشهاد الشريف محمد أمزيان خلال الفترة الممتدة من 6 مايو الجاري إلى غاية الـ 15 منه.
ففي الخامس عشر من شهر مايو من هذه السنة تحل الذكرى المائوية لاستشهاد المجاهد الشريف محمد أمزيان، الذي ترك بصمات خالصة، شكلت منارات مضيئة في تاريخ هذا البلد الأصيل، والذي سيظل نجماً ساطعاً في سمائه المزهرة، بوعيه المبكر في إرساء مبادئ المقاومة الوطنية وثقافتها. ولا غرو أن يكون الريف الشرقي منطلق الشرارة الأولى لإشعال نار مقاومة تدخل الاستعمار الإسباني في الأراضي المغربية، والحد من التوغل الفرنسي. فهي إذن ذكرى لتكريم الذاكرة التاريخية للمنطقة والتعريف بأعلامها وبإنجازاتها الوطنية، التي ظلت تعاني من ضعف البحث العلمي الموثق في أدق الفترات التاريخية من وطننا.
إن تكريم الشهيد الشريف محمد أمزيان لهو تذكير بشجاعة المغاربة، وبعمق وعيهم الوطني في الدفاع عن كرامة المواطن المغربي في فترة تداعت القوى الاستعمارية على وطننا، التي انتهت بفرض نظام الحماية عليه سنة 1912. فهي ذكرى رد الاعتبار للشعب المغربي في منطقته الشمالية لفظاعة ما ارتكبه الاستعمار الإسباني في حقهم.
بما أن التاريخ هو ذاكرة الشعوب وهويتها، فإن العناية به هو حماية للذاكرة وصيانة للهوية، الأمر الذي يستوجب الاهتمام بالتنمية الثقافية التاريخية والعمل على إدماجها في التنمية العامة التي يشهدها الإقليم. إن الاهتمام بهذا التاريخ وتعميق البحث فيه، ثم العمل على تدوينه من زاوية النظرة الوطنية، كفيل بتجاوز عائق الاستناد المرجعي المؤسس على النظرة الأجنبية في كتابة تاريخنا، ولا يتهيأ ذلك إلا بجمع المادة التاريخية من مظانها الحقيقية، واعتماد الوثيقة المغربية الأصيلة أساساً لكتابة تاريخ وطننا. وتهدف هذه التنمية من بين ما تهدف إليه:
-الكشف عما أصاب تاريخنا من المسخ والطمس، وعلى رأس قائمته، تاريخ مدينة مليلية الذي اختزل بشكل أساسي، فيما بعد 17 سبتمبر من سنة 1497 م، فترة بداية الاستعمار الإسباني لها: الذي غير معالم الانتماء المغربي للمدينة.
-مداواة التشوهات التي اعترت أسماء الأعلام الجغرافية والبشرية لمنطقة الريف، وحمايتها نطقاً وكتابةً، بكون الاسم جزء مكون للفرد والجماعة، وله دلالات تاريخية وثقافية، وهو عبارة عن إشارات اجتماعية تشير إلى المنشأ والمكانة التاريخية والاجتماعية وإلى علاقات معينة لحامله.
تستدعي التنمية الثقافية التاريخية للإقليم إذن، العناية برموزه الوطنية والثقافية والسياسية، وبسيرة أعلامه الحضارية التي توارت عن الأذهان بسبب غياب مبادرات تحافظ عليها، وتضمن استمرار وجودها في الذاكرة الجماعية، ولا تكتمل صورة العناية بالذاكرة التاريخية للمنطقة وتنميتها إلا بصيانة حواضرها التاريخية ومعالمها، وحمايتها، وإدماجها في العملية التنموية. كل ذلك يتم في سياق تركيب تاريخي يحتل فيه الباحث في التاريخ دوراً إيجابياً في المساهمة في تدبير الشأن المحلي، بدل اقتصار مهمته على أداء الشهادة في مناسبات وذكريات تاريخية، ويستنطق الماضي في أبعاده المختلفة، في ضوء أسئلة وتأويلات جديدة تستند على نظرة وطنية لتاريخ المغرب، منعتقة من سطوة الخيال المفرط الذي ينأى عن الوثيقة والآثار، المصدرين الأساسين لكتابة التاريخ، وعن النسبية المطلقة التي تحصر التاريخ في بعد جزئي أو مصدر أحادي، ومتجاوزة في الوقت نفسه، القراءة التبريرية التي توظف التاريخ لأغراض ضيقة.